[ هل يمكن لنا أن نتصوّر أن نحدّق في إحدى شخصيات رواية ” الإخوة كارامازوف ” لـ ” دستويفسكي ” لا يبدو أنّ أحداً حتى اليوم استطاع أنّ يعبر عن ذلك أكثر من الفنانة الأمريكية ” أليس نييل ” ]
أفضل ما يمكن تذكره حول ” أليس نييل – Alice Neel ” المتوفاة سنة 1984 ، هو أنّها رسّامة بورتريه ، في الغالب ما كانت لوحاتها تمثّل أصدقاء أو عشّاق و آخرون مقربون ، معبرة عنهم ببراءة هي غالباً آسرة و طفوليّة .
و غالباً ما عبرّت لوحاتها عن قدرتها على الرؤية و النفاذ داخل الشخوص و أحياناً أخرى قد تكون تلك اللوحات مخيفة أو ميالة أكثر لأنّ تكون مضحكة ، و ذلك وفقاً للمدة التي قد تقضيها محدقاً في اللوحة / البورتريه .
أليس ” أحبت البؤس ” كما وصفتها زوجة ابنها لصحيفة الغارديان سنة 2004 ، فقد ” أحبت البؤس في البطل [ بمعناه الأدبي] كما أحبت البطولة في البؤس ، فقد رأت ذلك فينا جميعاً ، كما أعتقد “
و في الوقت الذي كانت ” نييل ” لا ترسم فيه لوحاتها ، كانت تعمد إلى رسم خطاطات – Sketching ، و قد جمعت اعمالها تلك في كتاب خاص تضمن بعض أعمالها الناجزة و المتقنة و بعضا من اعمالها المضطربة .
” هناك سوداويّة متأصلة في أعمال ” نييل ” كما كتب Jeremy Lewison في افتتاحيّة الكتاب ، مضيفاً : ” فقد قدمت/صوّرت عالماً من الشقاء ، من مباني مقسمة إلى شقق و أماكن استحمام متشاركة ، من مهاجرين محرومون في أدنى طبقات المجتمع ، من إنسانيّة مثقلة بأعباء العيش في بيئة الحواضر الكبرى القاسيّة ، عالماً من الفقد الإنساني و المأساة “
ذلك كله ما يجعل منها المرشحة الطبيعيّة للتعامل مع كلاسيكيات الأدب الروسي ، و التي هي أيقونات الكآبة .
في الثلاثينيات أنجزت ” نييل ” مجموعة من التصاميم الخاصة بإحدى طبعات ” الإخوة كارامازوف ” لـ ” دستويفسكي ” و لكن تلك الاعمال لم تُنشر في حينه ، و لا يعرف إن كان الناشر قد رفض التصاميم أم أنّ المشروع بأكمله قد ألغي أو انهار ، و لكن تلك التصاميم الثمانية كانت أشبه ” بزواج عتمة من عتمة أخرى ” ، فالسحابة السوداء العاصفة لريشة ” نييل ” تتناسب مع أسئلة / شكوك ” دوستويفسكي ” حول الإله و المنطق/العقل و الشك . فقد نجحت في استحضار الجنون و الكوميديا ، إذ ينسى الناس كم لـ ” دوستويفسكي ” أن يكون مرحاً .